مرة جديدة، يعود ملف مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين إلى الواجهة على قاعدة المخاوف الأمنية الناجمة عن وجود بعض الجماعات المتطرفة فيه، في حين تعجز الفصائل، سواء الوطنية أو الإسلامية منها، عن ضبط الأوضاع، بالرغم من كل الوعود التي تقدمها إلى السلطات اللبنانية.
في الأشهر السابقة، ضجت وسائل الإعلام بالأنباء التي تتحدث عن تسليم بعض المطلوبين أنفسهم إلى الأجهزة الأمنية، للعمل على معالجة ملفاتهم سريعاً، لكن هذا الأمر لم يشمل من يوصفون بـ"الرؤوس الكبيرة"، في حين لا يزال المخيم الحاضر الأكبر عند كل عمل إرهابي يتم إحباطه؟
في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى عامل بارز على هذا الصعيد، يكمن في أن خيوط عمليتا الكوستا وسوليدير تقود في نهاية المطاف إلى عين الحلوة، لناحية صدور الأوامر من داخل المخيم، بالرغم من أن المكلفين الأساسيين هما لبنانيان من مدينة صيدا، وتلفت إلى أن تداعيات هذا الأمر كبيرة جداً، نظراً إلى أن المسؤولية ستكون على عاتق الفصائل الفلسطينية في حال وقوع أي عمل إرهابي.
وتلفت هذه المصادر إلى أن تلك الفصائل لم تقدم حتى الآن إلا الكلام الذي لا يساهم في درء الخطر، في حين أن المطلوب معالجة الوضع القائم داخل المخيم بأسرع وقت ممكن، لا سيما على مستوى المطلوبين المتورطين بالتنسيق مع الجماعات الإرهابية الناشطة في الداخل السوري، وتشدد على أن كل تأخير على هذا الصعيد لن يكون من مصلحة أحد، لا اللبنانيين ولا الفلسطينيين.
بالنسبة إلى هذه المصادر، لا يمكن بعد اليوم القبول بأي حجج تقدم، خصوصاً لناحية عدم وجود بيئة حاضنة داخل المخيم، بعد أن تبين أن الأوامر تصدر بتنفيذ عمليات إرهابية من داخل عين الحلوة، وتؤكد بوجود اصرار من المسؤولين اللبنانيين على الحسم، لا سيما أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان قد تحدث عن الحرب الإستباقيّة ضد الجماعات الإرهابية.
وتعيد هذه المصادر التذكير بالعملية التي قامت بها قوة تابعة لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني، في شهر أيلول من العام المنصرم، في حي الطوارئ داخل عين الحلوة، التي قادت إلى توقيف الفلسطيني عماد ياسين، المعروف بأمير "داعش" في المخيم، الذي كان بصدد تنفيذ عدة تفجيرات إرهابية، وترى أن هذا النوع من العمليّات الأمنية قد يكون هو الحلّ الأمثل في حال إستمرّ الوضع على ما هو عليه، إلا أنها تشير إلى أن هؤلاء يقيمون في داخل المخيم وليس في حي الطوارىء الذي كان يقيم فيه باسين.
على صعيد متصل، تكشف مصادر أخرى، عبر "النشرة"، أن الجماعات المتطرفة، لا سيما "داعش"، تعمد في الوقت الراهن إلى إختيار العناصر التي تريد تكليفها بأي عمل أمني بعناية، لناحية الإبتعاد عن الشخصيات المطلوبة أو التي قد تثير الشبهات، فكان إختيار عمر العاصي في عملية الكوستا، كممرض يعمل في مستشفى غسان حمود في صيدا، ومن ثم المسؤول عن مراقبة الكاميرات في "سوليدير" م. ص.، وتضيف: "في هذا المجال هي تستفيد من حال الإحتقان المذهبي على مستوى المنطقة، التي تسهل لها عمليات التجنيد لبعض الأشخاص، خصوصاً من المؤيدين السابقين للإرهابي الموقوف أحمد الأسير"، إلا أنها تؤكد أن النقطة المفصلية تكمن في أن التخطيط مصدره عين الحلوة.
هذا الواقع، يعيد إلى الأذهان ورقة "المنظومة الأمنية الخاصة بعين الحلوة"، التي قدمتها الفصائل الفلسطينية إلى رئيس فرع مخابرات الجنوب العميد خضر حمود، بعد أزمة بناء السور، لكن هذه الورقة لم تتطرق إلى كيفية معالجة ملفّ الإرهابيين الخطيرين، حيث تؤكد مصادر فلسطينية متابعة، عبر "النشرة"، عدم قدرة الفصائل على متابعة هذا الملف، لناحية توقيف هؤلاء المطلوبين وتسليمهم إلى الأجهزة الأمنية، في حين أن خيار المواجهة قد يكون له تداعيات خطيرة على المخيم.
وفي حين تُعيد المصادر نفسها التأكيد على التمسك بخيار النأي عن النفس عن أي أحداث إقليمية أو محليّة بالإضافة إلى منع الإضرار بالأمن اللبناني، تطرح العديد من علامات الإستفهام حول القدرة على الإلتزام بهذا الأمر، في ظل الأوامر التي تصدر من داخل المخيم لتنفيذ عمليات إرهابية، خصوصاً بعد أن طرحت لجنة الفصائل على السفير الفلسطيني أشرف دبور، يوم أمس، أن يشمل أي عفو يصدر في لبنان الفلسطينيين المطلوبين بقضايا عادية، على إعتبار أن هذا الأمر يخفف من الضغوط الأمنية، وتضيف: "بالنسبة إلى المطلوبين يطرح خيارين: الأول الضغط عليهم لمغادرة المخيم كما دخلوا، والثاني هو الحل على طريقة فضل شاكر من خلال الطلب منهم عدم القيام بأي عمل يستهدف الأمن اللبناني بحال قرروا البقاء".
في المحصلة، بات على الفصائل الفلسطينية المسارعة إلى معالجة هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن، نظراً إلى أن التداعيات ستكون كبيرة في حال نجحت التنظيمات الإرهابية بتنفيذ أي عمل أمني يكون مرتبطاً بالمخيم.